برج إيفل أصبح نجاة لفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى، كانت فرنسا تعاني من آثار الدمار الاقتصادي. هذا خلق بيئة مثالية لتصديق فكرة أن أيقونة وطنية مثل برج إيفل يمكن أن تُباع للتخلص من عبء صيانتها.
فيكتور لوستيج يجمع المعلومات عن برج إيفل
بدأ فيكتور لوستيج بدراسة الوضع الاقتصادي لفرنسا، وحالة برج إيفل، ومشاعر الناس تجاهه. هذه المعلومات الدقيقة مكنته من بناء رواية مقنعة.
لوستيج كان يتمتع بشخصية ساحرة وقدرة هائلة على إقناع الآخرين. هذه الصفات كانت حاسمة في إقناعه رجال الأعمال بتصديق قصته.
لم يكتفِ لوستيج بقصته الرئيسية، بل أضاف إليها تفاصيل واقعية مثل الأوراق المزورة والاجتماعات الرسمية. هذه التفاصيل جعلت قصته تبدو أكثر مصداقية.
قصة بيع برج إيفل
في أحد الأيام بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، كان “فيكتور لوستيج” جالسًا في أحد المقاهي في باريس يتصفح الصحف، حتى لفت انتباهه مقال يتناول تدهور حالة برج إيفل وما يتطلبه من تكاليف ضخمة لترميمه، حيث كان مهددًا بالسقوط في ذلك الوقت.
لم تمر هذه المقالة على أشهر نصابي العالم دون أن تثير اهتمامه، فبفضل خبرته الواسعة في فنون النصب والاحتيال، قرأها من زاوية مختلفة تمامًا، مما دفعه إلى استغلالها في إحدى أشهر عمليات النصب في التاريخ.
تولد في ذهن النصاب الوسيم “فيكتور لوستيج” فكرة شيطانية لا تخطر على بال أحد، فقرر بيع “برج إيفل” نفسه، خاصة بعد الدمار الذي لحق به جراء الحرب العالمية الأولى.
عرض “فيكتور” فكرته على ستة من رجال الأعمال، ودعاهم إلى اجتماع في أحد الفنادق.
وكان بحوزته “الطُعم” الذي سيستخدمه للإيقاع بهم: أوراق مزورة تؤكد أنه المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفرنسية.
ولم يكتفِ بذلك، بل قدم لهم أيضًا وثائق مزورة تُظهر أنه نائب المدير العام لوزارة البريد والتلغراف، ليكسب ثقتهم.
تحدث معهم بلغة راقية عن خطة الحكومة الفرنسية لإصلاح برج إيفل، موضحًا أن الحكومة غير قادرة على تحمل تكاليف ترميمه، ولذلك قررت هدمه وبيعه كخردة.
أخبر “فيكتور” التجار أن عملية بيع “برج إيفل” ستكون سرية في الوقت الحالي، نظرًا لأن الإعلان عن بيع البرج سيسبب ضجة كبيرة، لذلك كان من الضروري الحفاظ على السرية التامة. استمع التجار إلى حديثه بانتباه، بل وصدقوه، وأوضح لهم أنهم تم اختيارهم بعناية بفضل سمعتهم الطيبة بين أوساط التجار، وأن مهمته هي اختيار أحدهم للفوز بفرصة شراء البرج.
راقب “فيكتور” ردود أفعالهم عن كثب، محاولًا اختيار الأكثر حماسة بينهم. اصطحبهم في جولة إلى برج “إيفل”، وأقلهم في سيارة “ليموزين” استأجرها خصيصًا لعملية النصب.
اختار “فيكتور” “أندريه بوسيون”، أحد التجار الستة، بعدما لاحظ فيه حماسة كبيرة وإيمانًا بالفكرة. لكن ظهرت أمامه مشكلة أخرى؛ كانت زوجة “أندريه” تشكك في الأمر، مما دفع “فيكتور” لاستخدام خبرته في الخداع.
اجتمع مع “أندريه” وأخبره أنه موظف براتب ضعيف لا يكفيه للعيش بمستوى راقٍ، مما جعل “أندريه” يعتقد أن “فيكتور” مجرد موظف مرتشٍ، فاطمأن إلى أن العرض سيكون مناسبًا له، بشرط دفع رشوة مالية لتسريع الأمور.
نجح “فيكتور لوستيج” في تنفيذ واحدة من أشهر عمليات النصب في التاريخ، حيث تمكن من بيع “برج إيفل” لتاجر يُدعى “أندريه بوسيون”، وحصل منه على ثمن البرج، بالإضافة إلى عمولة ورشوة.
لكن التاجر “أندريه” لم يتمكن من إبلاغ الشرطة الفرنسية، ليكتشف لاحقًا أنه وقع ضحية لأكبر عملية نصب في حياته. أما “فيكتور”، ففر إلى النمسا بعد أن نفذ خطته ببراعة.
لكن “فيكتور” لم يكتفِ بنصبته الشهيرة على “أندريه”، بل عاد إلى فرنسا مرة أخرى ونصب على شخص آخر بنفس الطريقة. ومع ذلك، هذه المرة أبلغت الضحية الشرطة، إلا أن “فيكتور” استطاع الهروب بفضل ذكائه ودهائه.
ومن أبرز عمليات النصب التي قام بها “فيكتور لوستيج” كانت بيع صندوق ماكينة لنسخ العملة. كان يعرض على الناس صندوقًا زعم أنه ينسخ 100 دولار كل 6 ساعات. وقد تمكن من بيع الصندوق لأكثر من شخص بمبلغ 30 ألف دولار.
ورغم أن الصندوق كان ينسخ بالفعل 100 دولار كل 6 ساعات، إلا أنه بعد مرور 12 ساعة، بدأ ينسخ أوراقًا بيضاء، مما اكتشفه الضحايا بعد فوات الأوان، ليكتشفوا أنهم وقعوا في واحدة من أذكى عمليات النصب على الإطلاق.