تسهيلات جديدة لطالما كانت مسألة الحصول على إذن العمل تمثل تحدياً كبيراً للأجانب ولأصحاب الشركات في تركيا، حيث كانت المعايير الصارمة والإجراءات البيروقراطية تعيق عملية الحصول على التصاريح بشكل سلس.
هذا الوضع دفع الكثيرين للعمل بدون إذن رسمي، مما أفقدهم حقوقهم القانونية والاجتماعية، مثل التأمين الصحي والحد الأدنى للأجور، وعرضهم للاستغلال.
وفي الوقت نفسه، واجهت الشركات مخاطر قانونية وإدارية، مما ساهم في عدم استقرار سوق العمل وزيادة النشاط في القطاع غير الرسمي.
تسهيلات جديدة من وزارة العمل التركية
في هذا السياق، أعلنت وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية عن تسهيلات جديدة وتعديلات هامة على معايير تقييم تصاريح العمل للأجانب، وفقاً للمادة (22) من اللائحة التنفيذية لقانون العمل الدولي، والتي دخلت حيز التنفيذ بدءاً من الأول من أكتوبر الجاري.
تضمنت تسهيلات جديدة وتعديلات جديدة تخفيفاً لشروط التوظيف والكفاءة المالية.
من أبرز هذه التعديلات كان إلغاء شرط توظيف خمسة مواطنين أتراك مقابل كل عامل أجنبي في المؤسسات التي تحقق مبيعات سنوية صافية تتجاوز 50 مليون ليرة تركية (حوالي 1.47 مليون دولار).
هذا التغيير يمنح الشركات الكبيرة مزيداً من المرونة في توظيف العمالة الأجنبية، خاصة تلك التي تتطلب مهارات نادرة.
كما عدّلت الوزارة معيار الكفاءة المالية ليصبح أكثر مرونة، حيث كانت تشترط سابقاً أن يكون رأس المال المدفوع للمؤسسات 500 ألف ليرة تركية (حوالي 14,700 دولار)، أو أن تبلغ مبيعاتها السنوية 8 ملايين ليرة (حوالي 235 ألف دولار)، أو أن تحقق صادرات بقيمة 150 ألف دولار سنوياً على الأقل لتوظيف عمال أجانب.
معايير مهمة
ستكتفي تسهيلات جديدة برأس مال مدفوع يبلغ 100 ألف ليرة تركية (حوالي 2940 دولار) أو مبيعات بقيمة 800 ألف ليرة (حوالي 23,500 دولار) حتى الأول من يناير 2025.
كما أعادت الوزارة تحديد الحد الأدنى للأجور للعمال الأجانب، حيث خُفضت أجور المديرين التنفيذيين والطيارين من 6.5 أضعاف الحد الأدنى للأجور إلى 5 أضعاف، بينما خُفضت أجور المديرين الآخرين إلى 3 أضعاف.
بالنسبة للمهن التي تتطلب مهارات خاصة، فقد خُفض الأجر إلى ضعف الحد الأدنى، بينما تم تحديده عند الحد الأدنى للعمال في قطاعات مثل السياحة.
هذا يُعتبر توجهاً حكومياً لتقليل تكاليف توظيف الأجانب وتوفير فرص عمل أكثر مرونة.
علاوة على ذلك، أعفت التعديلات الأجانب المقيمين في تركيا لمدة ثلاث سنوات على الأقل خلال الخمس سنوات الماضية، باستثناء الطلاب، من معايير التوظيف والكفاءة المالية، مع تحديد حد أقصى لثلاثة عمال أجانب لكل مكان عمل.
ومع ذلك، اشترطت الوزارة أن لا يتجاوز عدد العمال الأجانب عدد العمال الأتراك في المؤسسة. كما بقي السوريون تحت “الحماية المؤقتة” غير مشمولين بهذه الاستثناءات، ويحتاجون إلى تصاريح عمل للوظائف المتاحة.
تعديلات ملحوظة
قدمت التعديلات تسهيلات ملحوظة للعاملين في قطاع التكنولوجيا والمعلوماتية، حيث أعفت المتخصصين في مجالات مثل البرمجيات من معايير التوظيف والكفاءة المالية، بشرط ألا يتجاوز عدد الأجانب اثنين في المؤسسة.
أما في الاستثمارات التي تتطلب تكنولوجيا متقدمة، فقد تجاهلت الحكومة بعض المعايير العامة للتقييم في حال عدم وجود متخصصين أتراك.
حددت الوزارة رأس المال المطلوب لتأسيس شركات جديدة بـ500 ألف ليرة تركية (حوالي 14,700 دولار).
وفي حال كان لدى الشريك الأجنبي حصة تبلغ 100 ألف دولار أو أكثر، فإنه يُعفى من معايير التوظيف والكفاءة المالية. كما ستكتفي الوزارة حتى الأول من يناير 2025 برأس مال قدره 40 ألف ليرة تركية (حوالي 1176 دولار) كحد أدنى للشركاء الأجانب.
بيانات مهمة حول تسهيلات جديدة
وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة العمل التركية، قدم 316,365 أجنبيًا طلبات للحصول على إذن عمل خلال عام 2023.
وافقت الوزارة على 239,835 طلبًا، مما يعني أن 19.48% من الطلبات تم رفضها لعدم استيفائها المعايير المطلوبة.
تفصيلاً، من بين الطلبات المقبولة، كانت 66,299 امرأة و173,536 رجلًا.
كما تشير الإحصاءات إلى أن 85,975 من المتقدمين المقبولين يحملون شهادة الثانوية العامة، بينما يحمل نحو 54 ألفًا منهم شهادات عليا.
السوريون يتصدرون
يتصدر السوريون قائمة الأجانب الحاصلين على تصاريح عمل في تركيا، حيث بلغ عددهم 108,520 شخصًا، مما يعكس الحضور القوي للعمالة السورية في البلاد.
وتأتي روسيا في المرتبة الثانية بـ17,785 شخصًا، تليها تركمانستان بـ13,128 شخصًا، وإيران بعدد 8,521 شخصًا.
من المهم الإشارة إلى أن هذه البيانات تمثل فقط الأجانب الذين يعملون بشكل نظامي في تركيا أو الذين قدموا طلبات للحصول على إذن عمل رسمي.
ولا تعكس هذه الأرقام الصورة الكاملة لسوق العمل، إذ تشير التقديرات إلى وجود آلاف الأجانب الذين يعملون بشكل غير نظامي دون الحصول على تصاريح رسمية.