الانتخابات الأوروبية .. هل يغير اليمين المتطرف سياسات الاتحاد الأوروبي؟
الانتخابات الأوروبية
ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات الأوروبية المقررة في بداية يونيو/حزيران نجاحاً كبيراً لليمين المتطرف، حيث من المتوقع أن يحققوا أفضل نتائج لهم على الإطلاق.
تشهد أوروبا صعودًا ملحوظًا للأحزاب القومية والمتشككة في البناء الأوروبي، مع توقعات حصولها على نتائج قوية في الانتخابات الأوروبية القادمة في دول مثل فرنسا والنمسا وبولندا وإيطاليا. حتى في ألمانيا وإسبانيا والبرتغال والسويد، تُظهر استطلاعات الرأي تقدمًا ملحوظًا لهذه الأحزاب.
في المقابل، تبدو بروكسل، مقر الاتحاد الأوروبي، وكأنها منفصلة عن هذا الاتجاه، حيث حافظت على الوحدة في مواجهة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ودعمت أوكرانيا بشكل فعال من خلال خطة التعافي وإدارة جائحة COVID-19.
يُمكن تفسير هذا التناقض الظاهري بعدة عوامل:
الشعور بالتهميش:
يشعر العديد من المواطنين الأوروبيين بأنّ أصواتهم لم تُسمع وأنّ النخب الحاكمة في بروكسل بعيدة عن احتياجاتهم.
تُغذّي هذه المشاعر الهجرة والاضطرابات الاقتصادية وعدم اليقين بشأن المستقبل.
المخاوف بشأن الهوية:
تُثير الهجرة المتزايدة وتزايد التنوع الثقافي قلق بعض الأوروبيين بشأن هوية بلدانهم وثقافتهم.
تستغلّ الأحزاب القومية هذه المخاوف من خلال الترويج لخطاب “نحن ضدّهم” وتقديم حلول مبسطة لقضايا معقدة.
عدم الثقة في المؤسسات:
أدّت الأزمات المالية والسياسية الأخيرة إلى تراجع الثقة في المؤسسات الأوروبية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والحكومات الوطنية.
تُقدّم الأحزاب القومية نفسها كبديل “معادٍ للمؤسسات” يدافع عن مصالح “الشعب العادي”.
ضعف الأحزاب التقليدية:
فشلت العديد من الأحزاب السياسية الرئيسية في أوروبا في معالجة مخاوف المواطنين، ممّا أدّى إلى انخفاض شعبيتها. استغلّت الأحزاب القومية هذا الفراغ لتقديم نفسها كبديل جديد.
على الرغم من أنّ صعود الأحزاب القومية يُثير قلقًا كبيرًا بشأن مستقبل أوروبا، إلاّ أنّ هناك بعض العوامل التي قد تُعيق تقدّمها:
الاختلافات الأيديولوجية:
تُعاني الأحزاب القومية من انقسامات داخلية كبيرة بسبب اختلافاتها الأيديولوجية واهتماماتها الوطنية. قد يُعيق ذلك قدرتها على التعاون وتشكيل تحالفات فعّالة.
عدم القدرة على تقديم حلول واقعية:
تُقدّم العديد من الأحزاب القومية حلولًا مبسطة لمشاكل معقدة، مثل الهجرة وتغير المناخ.
قد يدرك الناخبون في النهاية عدم واقعية هذه الوعود، ممّا قد يُؤدّي إلى انخفاض شعبيتها.
صعود القوى المضادة:
قد تُحفّز مقاومة صعود الأحزاب القومية ظهور حركات مضادة تُدافع عن التعددية والتعاون الأوروبي.
يبقى مستقبل أوروبا غامضًا قبل الانتخابات الأوروبية، مع تأرجح القوى بين نفسها كبديل “معادٍ للمؤسسات” يدافع عن مصالح “الشعب العادي”.